عدد ركعات صلاة التهجد: الفوائد والأحكام
تعدُّ صلاة التهجد من أعظم النوافل التي يمكن للمسلم أن يؤديها، وذلك لما تحتويه من فضائل عظيمة وأجر كبير. ومن أبرز ما يُثير الاهتمام حول صلاة التهجد هو عدد الركعات التي يمكن أداؤها، والكيفية التي يُستحب أن تُصلى بها، إلى جانب فضلها العظيم في التقرب إلى الله تعالى. لهذا المقال هدف رئيسي في توضيح عدد ركعات صلاة التهجد وفقًا لأقوال الفقهاء والمذاهب الإسلامية المختلفة، بالإضافة إلى استعراض بعض أحكامها وفضائلها.
1. ما هي صلاة التهجد؟
صلاة التهجد هي صلاة نافلة تصلى في الليل بعد نوم المسلم. وهي من أفضل العبادات التي يُستحب أن يتقرب بها المسلم إلى ربه، لما فيها من إحياء للقلوب وتطهير للنفوس. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”. وبناءً على هذا الحديث، يُدرك المسلم أهمية صلاة الليل والتهجد في حياة المؤمن، حيث تُعدّ وسيلة لزيادة الرصيد الإيماني وزيادة الصلة بالله تعالى.
2. عدد ركعات صلاة التهجد
لا يوجد عدد ثابت من الركعات لصلاة التهجد في الشريعة الإسلامية، ولكن الفقهاء قد اختلفوا في تحديد عدد الركعات التي يُستحب أن يؤديها المسلم أثناء قيامه بصلاة التهجد. بشكل عام، يمكن القول إن صلاة التهجد هي صلاة ليلية متطوعة يمكن للمسلم أن يُصلي فيها أي عدد من الركعات حسب قدرته وحاجته الروحية، بشرط أن يكون الوقت مناسبًا للصلاة.
2.1 عدد الركعات في السنة
يُستحب أن يصلي المسلم في صلاة التهجد ما بين ركعتين إلى 12 ركعة، مع إمكانية الزيادة حسب ما يقدر عليه. هناك حديث شريف عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما صلى”. هذا الحديث يدل على أن صلاة التهجد تكون مثنى مثنى، أي أن كل ركعتين يصليهما المسلم تُعتبران وحدة مستقلة، ويُستحب أن ينهي المسلم صلاته بركعة وترية.
على الرغم من أن الحديث يتحدث عن صلاة الليل بشكل عام، إلا أن الفقهاء يعتبرون هذه القاعدة التي تقتصر على المثنى للمسلم في صلاته الليلية. فبعض المذاهب الإسلامية مثل المذهب الحنبلي والمذهب المالكي يتفقون على أن صلاة التهجد يمكن أن تتراوح من 2 إلى 12 ركعة، في حين يذهب بعضهم إلى القول بأن الصلاة تكون مثنى مثنى دون تحديد عدد معين للركعات، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما صلى”.
2.2 عدد الركعات بحسب المذاهب الفقهية
-
المذهب الحنفي: يرى الحنفية أن صلاة التهجد ليس لها عدد معين، بل تُؤدى بما يناسب الشخص من الركعات. وبناءً على ذلك، يمكن أن يصلي المسلم ما شاء من الركعات في صلاة التهجد، على أن يحرص على أن يكون الصلاة مثنى مثنى.
-
المذهب المالكي: يُفضل المالكية أن يصلي المسلم صلاة التهجد 8 ركعات، مع الوتر في النهاية. وفي حال رغب المسلم في الصلاة أكثر من ذلك، فلا مانع من ذلك.
-
المذهب الشافعي: يتفق الشافعية مع المذاهب الأخرى في أن صلاة التهجد لا تقتصر على عدد محدد من الركعات، ولكن يُستحب أن تكون 11 أو 13 ركعة مع الوتر. وأحيانًا يُوصي الشافعية بعدد 2 أو 4 ركعات على أن تكون مثنى مثنى.
-
المذهب الحنبلي: يرى الحنبليون أن صلاة التهجد يُستحب أن تكون 11 أو 13 ركعة، مع الوتر في النهاية.
2.3 الوتر في صلاة التهجد
إن الوتر هو سنة مؤكدة في صلاة التهجد، ولا يجوز للمسلم تركه. وقد أضاف الوتر فضلًا عظيمًا، حيث يعتبر الخاتمة الجيدة للتهجد ويُكمل الصلاة. ومن خلال الوتر، يُستحب للمسلم أن يرفع يديه أثناء دعائه ويتوجه بالدعاء إلى الله تعالى.
3. أفضل أوقات صلاة التهجد
إن أفضل وقت لصلاة التهجد هو الثلث الأخير من الليل. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟”. وهذه الأوقات تُعتبر من أكثر الأوقات التي يستجيب فيها الله تعالى للدعاء. كما أن فيها فضلاً كبيرًا لما فيها من مواطن تقترب فيها الروح من الله تعالى، ويستجيب الله لدعوات عباده.
4. كيفية أداء صلاة التهجد
على الرغم من أن صلاة التهجد هي صلاة تطوعية، إلا أنه توجد بعض السنن المرتبطة بها التي تعزز من ثوابها وأجرها. يتعين على المسلم أن يلتزم ببعض الآداب عند أداء صلاة التهجد:
-
الاستعداد لصلاة التهجد: من المفضل أن ينام المسلم لبعض الوقت ليتمكن من القيام في الليل. ويجدر به أن يحدد نية التهجد في قلبه ويصلي ما يستطيع من ركعات. كما يُستحب أن يستيقظ قبل الفجر بوقت كافٍ، وذلك لكي يحظى ببركة الثلث الأخير من الليل.
-
الوضوء: يجب على المسلم أن يتوضأ قبل صلاة التهجد، لأن الصلاة لا تصح دون وضوء.
-
الركوع والسجود الطويل: من السنن التي يُستحب أن يُطيل المسلم في صلاته، وخاصة في الركوع والسجود. ويقال أن أطول السجود في صلاة التهجد يمكن أن يكون سببًا في قرب المسلم من الله تعالى.
-
الدعاء: من الفضائل العظيمة التي يُستحب أن يفعلها المسلم أثناء قيامه في صلاة التهجد هي الدعاء. وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن الله تعالى يجيب دعاء عباده في أوقات قيام الليل.
5. فوائد صلاة التهجد
تتعدد فوائد صلاة التهجد على مستوى الروح والجسد، ومنها:
-
زيادة الأجر: لا شك أن صلاة التهجد تُعتبر من أعظم الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه، وقد ورد في الحديث النبوي: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”.
-
تحقيق الراحة النفسية: تساعد صلاة التهجد على تحقيق السكينة والهدوء النفسي، حيث إن الذكر والدعاء في الليل يُعزز من الاستقرار الداخلي للإنسان.
-
تغفير الذنوب: إن من أعظم مزايا صلاة التهجد أنها تساعد المسلم على مسح الذنوب والخطايا. فالله تعالى وعد المؤمنين بأن يُغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم إذا أقبلوا عليه في صلاتهم ودعائهم.
-
تحقيق الاستجابة في الدعاء: من خلال قيام المسلم بأداء صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل، يكون أكثر قربًا من الله تعالى، حيث يُستجاب الدعاء في هذا الوقت.
-
تعزيز الصلة بالله: صلاة التهجد تُعزز من الصلة الروحية بين العبد وربه، وتُساعد على تقوية الإيمان.
6. الخلاصة
إن صلاة التهجد هي من أعظم النوافل التي يُستحب أن يؤديها المسلم. فهي صلاة ليلية، تتراوح ركعاتها من 2 إلى 12 ركعة أو أكثر حسب قدرة المسلم ورغبته في العبادة. يُستحب أن يُؤدي المسلم هذه الصلاة في الثلث الأخير من الليل لما لهذا الوقت من فضل عظيم. يتعين على المسلم أن يلتزم بالأداب والسنن المرتبطة بهذه الصلاة ليحصل على أكبر قدر من الأجر. وفي الختام، تظل صلاة التهجد فرصة عظيمة للمؤمن للتقرب إلى الله وزيادة الأجر، وهي من العبادات التي ينبغي على المسلم ألا يهملها في حياته اليومية.
